13 Mart 2022 Pazar

تقي الدين الراصد ومرصده

 

تقي الدين الراصد ومَرصَده*

 

 أنشأ تقيُ الدين مرصدا في إسطنبول بمعونة خواجه سعد الدین أفندی الذي أدرك موهيبتَه وقابليتَه، وبتمويل من قبل السلطان مراد الثالث. يدعي بعض المؤرخين اليومَ الذين لم يفهموا تاريخ الفكر العثماني أن المرصد بني أساسا للمقاصد التنجيمية، ولكن لا يوجد دليل لهذا الإدعاء وتوجد أدلة كثيرة على عكسه، فان المنظوم الفارسي لعلاء الدين المنصور الشيرازي المسمى ب"شهينشاه نامه"، يقدم لنا معلومات مفصلة مهمة متعلقة بإنشاء المرصد وعمله وأدواته الفلكية [1]. فنفهم من هذه المعلومات بفهم واضح وجلي أن مؤلفه عمل في هذه المرصد.

في محادثة بين السلطان وبين تقي الدين، سأله السلطان "كيف تسير الأرصاد؟" فأجاب: "أيها السلطان العظيم كان في زيج الغ بيك كثير من النقاط الغوامض وتم تصحيح الزيج من خلال هذه الأرصاد" [2]. يتضح من المحادثة أن الغرض من إنشاء هذا المرصد هو تصحيح زيج الغ بيك.       

طابع بريدي متكون من صورة عمال المرصد في شهينشاه نامه[3]

الأمور كلها كانت على ما يرام، فلم هُدم المرصد في 21 كانون الثاني 1580م؟ الذين لا يحبون البحث الدقيق يتمسَّكون بذیل الشقایق لنوعي زادة عطائي (كتاب باللغة التركية العثمانية، وهو ذيل كتاب الشقايق النعمانية في علماء الدولة العثمانية لطاشكبري زاده، يشمل ذیل الشقایق الفترة من 1558 الى 1634 م). يدعى في المصدر أن هدم المرصد كان بسبب رسالة تنسب إلى قاضي زاده احمد شمس الدين أفندي الذي كان شيخ الإسلام في الدولة العثمانية آنذاك (ومن الواضح عدم كون كاتبها عالما لأنها تحتوي على خرافات). ولكن أن عطائي الذي ولد بعد هدم المرصد أعطى في كتابه تواريخ خاطئة لبداية انشاء المرصد ونهايته [4]. وهذا وكون شيخ الإسلام عالما مؤهلا في العلوم العقلية والنقلية تقتضي أن ندقق ما كتب عطائي حول هذه المسألة. لأنه كتب حاشية على شرح المواقف الذي نوقشت فيه المسائل الفلسفية والهندسية والفلكية (هذه الحاشية موجودة بالمخطوط.) وأكمل شرح الهداية الذي لكمال الدين ابن الهمام لموته قبل ان يتم شرحه. وتكميل شيخ الاسلام يبدأ من "كتاب الوكالة" وسماه "نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار" [5]. (الشرح مطبوع مع هذه التكملة.) ولا يمكن أن تكون الرسالة خرجت من قلم عالم مثل شيخ الاسلام.

وفقا للوثائق الأرشيفية المنشورة، استوفيت طلب المرصد للعمال والمواد رغم أنها مكلفة. قدم من مصر بعض المواد المطلوبة. وفقا للوثيقة الاخيرة التي تحمل تاريخ 9 أغسطس 1579، عند وفاة أحد موظفي المرصد قبل تدمير المرصد بخمسة أشهر ونصف شهر تقريبا تم تعيين موظف جديد[6].

  عندما ننظر مرة أخرى إلى منظومة علاء الدين المنصور، نرى إشارة الى سبب التدمير. في دوام البيانات التي اقتبس من تقي الدين في الأعلى، قال: "العدو تعيس جدا وهو يتلوي بشدة. مُر الآن بإيقاف الأرصاد ليضر الأمر بالذين لهم أفكار شريرة وهم حسود". بعد ذلك مكتوبة فيها بأن السلطان استدعى جاووش باشي، الذي هو مسؤول نظام إحتفالات القصر واجتماعات المجلس الإمبراطوري، وأمره بتدمير المرصد [7].

من المحتمل أن تقي الدين كان صعب المزاج مثل الكثير من المخترعين. لذلك رغم أنه كان من العلماء لم يتمكن أن يأسس العلاقة الجيدة مع علماء إستانبول التي انتقل إليها قريبا. يوجد في كتاب "كنه الاخبار" حادث يدل على مزاج تقي الدين الصعب [8]. نفهم من عبارات تقي الدين في "شهينشاه نامه" والحادث الذي في "كنه الأخبار" أن بعض الناس كان لهم فكرة سيئة في حق تقي الدين بالرغم من تأييد السلطان وخواجه سعد الدین افندی له.                                    

 

 *اشكر د. اسعد اوزجان لاجل تصحيحاته


المراجع والملاحظات


[1] يمكن اعتبار الكتاب عملا فنيا بالإضافة إلى المعلومات التي يحتوي عليها.

[2] Aydın Sayılı, “Alâuddin Mansur’un İstanbul Rasathanesi Hakkındaki Şiirleri”, Belleten, 20, 1956, 459.

[3] على الرغم من كتابة "علماء الفلك العرب" على الطابع البريدي كان يوجد موظفون تركيون ويهود. http://sio.midco.net/danstopicalstamps/arabic.htm.

[4] Atâullah Nevizâde Atâî, Zeyl-i Şakâik, İstanbul: Tabhane-i Âmire, 1269, I/286-287.

[5] Abdülkadir Atansu, Osmanlı Şeyhülislamları, Ankara, 1972, 37-38.

[6] İsmet Miroğlu, “İstanbul Rasathanesine ait Belgeler”, İstanbul Üniversitesi Edebiyat Fakültesi, Tarih Enstitüsü Dergisi, 3, İstanbul, 1973, 75-82.

[7] Aydın Sayılı, 468. 

[8] Gelibolulu Mustafa Âli Efendi, Gelibolulu Mustafa Âli ve Künhü’l-ahbâr’ında II. Selim, III. Murat ve III. Mehmet Devirleri, Prep. Faris Çerçi, Erciyes Üniversitesi yayınları, Kayseri, 2000, III/424